أولاً: يقول فيه النصارى الذين يتبعونه, ويدعون أنهم على دينه؛ إنه إله، أو ابن الله, أو ثالث ثلاثة -تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً- وزعموا أنه ابن الله لأن مريم عليها السلام جاءت به تحمله من غير أب، فقالوا: كيف يكون ابن من غير أب, فجعلوه ابن الله -تعالى الله عن ذلك- مع أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كما ذكر في سورة مريم جعل الآية والنطق والشهادة من فمه هو عليه السلام: ((فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيّاً))[مريم:29] فمريم لم تتكلم, لأنهم يشكون فيها أنه -والعياذ بالله- من الزنا؛ ولكن أشارت إليه بأنه هو الذي يجيبكم إذا كان عندكم شك, فقال: (( إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ ))[مريم:30] فهو عبد الله, وهذا الذي نقوله: أن عيسى عبد الله ورسوله.
فأول ما نطق عيسى, قال: (( إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ ))[مريم:30] وسمعوا ذلك ونقلوه؛ ولكن بعد ذلك قالوا: هو ابن الله, أو هو إله, أو ثالث ثلاثة -تعالى الله عما يصفون- فيسبون الله تبارك وتعالى -وما ينبغي لهم ذلك- هذه المسبة العظيمة, بأن يجعلوا له صاحبة وولداً، وقد قال سبحانه: ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ)) [الإخلاص:1-4].
فهذا هو ديننا -والحمد لله- نحن المسلمين, فنحن نخالفهم في هذا مخالفة صريحة واضحة, وكل مسلم -والحمد لله- يعلم ذلك، فنحن نشهد أنه عبد الله ورسوله، وأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لم يلد ولم يولد, وأنه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً، كما أخبر سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.